سلسلة الهدى والنور – 001

 

محتويات الشريط :-

1 - كلمة من الشيخ في بيان الابتداع المذموم والتحذير منه ، وجواز الابتداع في الدنيا وإباحته . ( 00:00:27 )

2 - ما معنى السلفية .؟ وإلى من تنسب .؟ وهل يجوز الخروج عن فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية.؟ ( 00:06:30 )

3 - إذا رفض الوالدان زيارة ابنتهم لأخت لها في الله ، فهل يجوز أن تصلها خفية دون علم والديها.؟ وهل يجوز لها التورية في ذلك .؟ ( 00:23:01 )

4 - ما حكم تغطية الوجه والكفين للمرأة في وقت الفتنة .؟ وهل يجب عليها طاعة والدها إذا منعاها من تغطيتهما .؟ ( 00:24:17 )

5 - ما حكم لبس " الإيشارب " وهو ما ينوب عن الخمار .؟ وما هو التفسير الصحيح للخمار.؟ ( 00:25:36 )

6 - هل يجوز للمرأة المسلمة أن تنتعل " الكعب العالي " ( 00:28:08 )

7 - هل يجوز سب الكافر وغيبته .؟ ( 00:29:42 )

8 - تفسير آية (لا يمسه إلا المطهرون ) وبيان أنهم الملائكة ؟ وما حكم السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار ؟ ( 00:30:33 )

9 - ما حكم نتف الحاجبين للتجمُّل .؟ ( 00:47:45 )

10 - هل يجوز للمحدث والجنب والحائض لمس المصحف وقراءة القرآن .؟ وما صحة حديث ( لا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ) .؟ وما حكم اتخاذ المحاريب في المساجد.؟ ( 00:42:37 )

11 - ما حكم الاشتراط في الحج والعمرة ما ثمرته.؟ ( 00:48:46 )

12 - بيان الشيخ وجوب التجمع والتقارب في المجالس وعدم التباعد والتفرق منها ، وذكر نصوص حديثية دالة على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بإصلاح تعابير الناس وظواهرهم .؟ ( 00:51:28 )

 

[ كلمة من الشيخ رحمه الله في بيان الابتداع المذموم والتحذير منه ، وجواز الابتداع في الدنيا وإباحته ]

 

الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد .

فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .

لعل الإخوان الحاضرين جميعاً ، يعلمون من دلالة هذا الحديث وأمثاله ، مما هو ثابتٌ في كتب السنة وصحيح الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كحديث عائشة : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ ) ، وكحديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظةً وَجِلَتْ منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله ، أوصنا ، قال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وُلِيَ عليكم عبد حبشي ، وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ،فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضو عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ، كل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ) ، هذه الأحاديث تؤكد ما أظنه أنكم تفهمونه وتعتقدونه : أن الابتداع في الدين كله ضلال ، وأعني في الدين ، لأن الابتداع المذموم هو خاصٌ في الدين ، وأما في أمور الدنيا ، فمنه ما هو ممدوح ، ومنه ما هو مذموم ، حسب هذا المحدث إذا كان عارض شرعاً فهو مذموم ، وإذا لم يعارض شرعاً فهو على الأقل جائز ، ومن أحسن ما يُنقل في هذه المناسبة : كلمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث أنه وضع قاعدةً هامةً جداً استنبطها من تلك الأحاديث زايد من نصوصٍ أخرى تدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة وهذه قاعدةٌ أصولية فقال رحمه الله : الأصل في الدين هو الامتناع إلا بنص والأصل في الدنيا الجواز إلا بنص ، فهو يعني : كل محدث في الدين ممنوع ، أما المحدث في الدنيا فهو مباح إلا إن عارض نصاًّ كما ذكرنا ، ثم مما ينبغي التنبيه عليه : هو أن قوله عليه السلام : ( وإياكم ومحدثات الأمور ) إنما يعني : كل عبادة حدثت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتكون ضلالةً وإن كان في ظن كثير من الناس يحسبونها أنها حسنة ، وبحقٍّ قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : كل بدعةٍ ضلالة وإن رآها الناس حسنة ، ذلك لأن الاستحسان في الدين معناه أن هذا المستحسن قرن نفسه مع رب العالمين الذي ليس لأحد سواه أن يشرع إلا ما شاء الله عز وجل ، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله : من استحسن فقد شرع ، من استحسن فقد شرع ، لأنه ما يُدري هذا المستحسِن أن هذا الذي استحسنه بعقله وفكره فقط ولم يستمد ذلك من كتاب ربه أو من سنة نبيه ، من أين له أن يعرف أن هذا أمرٌ حسن ؟! لهذا يجب أن يكون موقفنا جميعاً من كل محدثةٍ في الدين الامتناع عنها بما سبق ذكره من أحاديث صحيحة .

 

[ ما معنى السلفية ؟ وإلى من تنسب ؟ وهل يجوز الخروج عن فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية ؟ ]

 

السائل : بعض الأخوة الجالسين يسمعون عن الدعوة السلفية سماعاً ويقرؤون عنها ما يُكتب من قِبَلِ خصومها لا من قِبَلِ أتباعها ودُعاتِها ، فالمرجو من فضيلتكم – وأنتم من علماء السلفية ودعاتها – شرح موقف السلفية بين الجماعات الإسلامية اليوم .

الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : أنا أجبتُ عن مثل هذا السؤال أكثر من مرة ، لكن لا بد من الجواب وقد طُرِحَ السؤال ، فأقول : أقول كلمة حقٍّ لا يستطيع أي مسلم أن يجادل فيها بعد أن تتبين له الحقيقة : أول ذلك : الدعوة السلفية ، نسبة إلى ماذا ؟ السلفية نسبة إلى السلف ، فيجب أن نعرف من هم السلف إذا أُطلق عند علماء المسلمين : السلف ، وبالتالي تُفهم هذه النسبة وما وزنها في معناها وفي دلالتها ، السلف : هم أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) هدول القرون الثلاثة الذين شهد لهم الرسول عليه السلام بالخيرية ، فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف ، والسلفيون ينتمون إلى هؤلاء السلف ، إذا عرفنا معنى السلف والسلفية حينئذٍ أقول أمرين اثنين :

الأمر الأول : أن هذه النسبة ليست نسبة إلى شخص أو أشخاص ، كما هي نِسَب جماعات أخرى موجودة اليوم على الأرض الإسلامية ، هذه ليست نسبة إلى شخص ولا إلى عشرات الأشخاص ، بل هذه النسبة هي نسبةٌ إلى العصمة ، ذلك لأن السلف الصالح يستحيل أن يجمعوا على ضلالة ، وبخلاف ذلك الخلف ، فالخلف لم يأتِ في الشرع ثناء عليهم بل جاء الذم في جماهيرهم ، وذلك في تمام الحديث السابق حيث قال عليه السلام : ( ثم يأتي من بعدهم أقوامٌ يَشهدون ولا يُستشهدون ، ) إلى آخر الحديث ، كما أشار عليه السلام إلى ذلك في حديث آخر فيه مدحٌ لطائفةٍ من المسلمين وذمٌّ لجماهيرهم بمفهوم الحديث حيث قال عليه السلام : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) أو ( حتى تقوم الساعة ) ، فهذا الحديث خص المدح في آخر الزمن بطائفة ، والطائفة : هي الجماعة القليلة ، فإنها في اللغة : تطلق على الفرد فما فوق .

فإذن إذا عرفنا هذا المعنى في السلفية وأنها تنتمي إلى جماعة السلف الصالح وأنهم العصمة فيما إذا تمسك المسلم بما كان عليه هؤلاء السلف الصالح حينئذٍ يأتي الأمر الثاني الذي أشرتُ إليه آنفاً ألا وهو أن كل مسلم يعرف حينذاك هذه النسبة وإلى ماذا ترمي من العصمة فيستحيل عليه بعد هذا العلم والبيان أن – لا أقول : أن – يتبرأ ، هذا أمرٌ بدهي ، لكني أقول : يستحيل عليه إلا أن يكون سلفياً ، لأننا فهمنا أن الانتساب إلى السلفية ، يعني : الانتساب إلى العصمة ، من أين أخذنا هذه العصمة ؟ نحن نأخذها من حديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالأكثرية – بما عليه جماهير الخلف – حينما يأتون بقوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لا يصح تطبيق هذا الحديث على الخلف اليوم على ما بينهم من خلافات جذرية ، ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لا يمكن تطبيقها على واقع المسلمين اليوم وهذا أمرٌ يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيء ، يُضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينةً لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى وفيما سيقع في المسلمين بعد الرسول عليه السلام من التفرق ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) هذه الجماعة : هي جماعة الرسول عليه السلام هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) أن المقصود بهذا الحديث هم الصحابة الذين حكم الرسول عليه السلام بأنهم هي الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ونحا نحوهم ، وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حذرنا ربنا عز وجل في القرآن الكريم من مخالفتهم ومن سلوك سبيل غير سبيلهم في قوله عز وجل : ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا ( أنا لَفَتّ نظر إخواننا في كثيرٍٍ من المناسبات إلى حكمة عطف ربنا عز وجل قوله في هذه الآية ) ويتبع غير سبيل المؤمنين ( على مشاققة الرسول ، ما الحكمة من ذلك ؟ مع أن الآية لو كانت بحذف هذه الجملة ، لو كانت كما يأتي : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا ) لكانت كافية في التحذير وتأنيب من يشاقق الرسول صلى الله عليه وسلم ، والحكم عليه بمصيره السيئ ، لم تكن الآية هكذا ، وإنما أضافت إلى ذلك قوله عز وجل : ) ويتبع غير سبيل المؤمنين ( هل هذا عبث ؟! - حاشا لكلام الله عز وجل من العبث ـ إذن ما الغاية..؟ ما الحكمة من عطف هذه الجملة ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) على مشاققة الرسول..؟ الحكمة في كلام الإمام الشافعي، حيث استدل بهذه الآية على الإجماع، أي : من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة – في تعبيرنا السابق – وهم الجماعة التي شهد لها الرسول عليه السلام أنها الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ، هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن كان يريد أن ينجو من عذاب الله يوم القيامة أن يخالف سبيلهم ، ولذلك قال تعالى : ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا ( .

إذن على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين :

أولاً : من هم المسلمون المذكورين في هذه الآية ثم ما الحكمة في أن الله عز وجل أراد بها الصحابة الذين هم السلف الصالح ومن سار سبيلهم ..؟ قد سبق بيان جواب هذا السؤال أو هذه الحكمة وخلاصة ذلك أن الصحابة كانوا قريب عهد بتلقي الوحي غضا طريا من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولاً ثم شاهدوا نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم الذي عاش بين ظهرانيهم يطبق الأحكام المنصوصة عليها في القرآن والتي جاء ذكر كثير منها في أقواله عليه الصلاة والسلام بينما الخلف لم يكن لهم هذا الفضل من سماع القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام منه مباشرةً ثم لم يكن لهم فضل الاطلاع على تطبيق الرسول عليه السلام لنصوص الكتاب والسنة تطبيقاً عملياً ، ومن الحكمة التي جاء النص عليها في السنة : قوله عليه السلام : ( ليس الخبر كالمعاينة ، ) ومنه بدأ ومنه أخذ الشاعر قوله : ( وما راءٍ كمن سمع ) فإذن الذين لم يشهدوا الرسول عليه السلام ليسوا كأصحابه الذين شاهدوا وسمعوا منه الكلام مباشرة ورأوه منه تطبيقاً عمليا ، اليوم توجد كلمة عصرية نبغ بها بعض الدعاة الإسلاميين وهي كلمة جميلة جداً ، ولكن أجمل منها أن نجعل منها حقيقةً واقعة ، يقولون في محاضراتهم وفي مواعظهم وإرشاداتهم أنه يجب أن نجعل الإسلام يمشي واقعاً يمشي على الأرض ، كلام جميل ، لكن إذا لم نفهم الإسلام وعلى ضوء فهم السلف الصالح كما نقول لا يمكننا أن نحقق هذا الكلام الشاعري الجميل أن نجعل الإسلام حقيقة واقعية تمشي على الأرض ، الذين استطاعوا ذلك هم أصحاب الرسول عليه السلام للسببين المذكورين آنفاً ، سمعوا الكلام منه مباشرةً ، فَوَعَوْهُ خير من وَعِيَ ،ثم في أمور هناك تحتاج إلى بيان فعلي ، فرأوا الرسول عليه السلام يبين لهم ذلك فعلاً ، وأنا أضرب لكم مثلاً واضحاً جداً ،هناك آيات في القرآن الكريم ، لا يمكن للمسلم أن يفهمها إلا إذا كان عارفاً للسنة التي تبين القرآن الكريم ، كما قال عز وجل : ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم ( مثلاً قوله تعالى : ) والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( الآن هاتوا سيبويه هذا الزمان في اللغة العربية فليفسر لنا هذه الآية الكريمة ، ) والسارق ( من هو ؟ لغةً لا يستطيع أن يحدد السارق ، واليد ما هي ؟ لا يستطيع سيبويه آخر الزمان لا يستطيع أن يعطي الجواب عن هذين السؤالين ، من هو السارق الذي يستطيع أو الذي يستحق قطع اليد ؟ وما هي اليد التي ينبغي أن تُقطع بالنسبة لهذا السارق ؟ اللغة : السارق لو سرق بيضة فهو سارق ، واليد في هذه لو قُطِعَتْ هنا أو هنا أو في أي مكان فهي يدٌ ، لكن الجواب هو : - حين نتذكر الآية السابقة : ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم ( - الجواب في البيان ، فهناك بيان من الرسول عليه السلام للقرآن ، هذا البيان طَبَّقَهُ عليه السلام فعلاً في خصوص هذه الآية كمثل وفي خصوص الآيات الأخرى ، وما أكثرها ، لأن من قرأ في علم الأصول يقرأ في علم الأصول أنه هناك عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ ، كلمات مجملة يدخل تحتها عشرات النصوص ، إن لم يكن مئات النصوص ، نصوص عامة أوردتها السنة ، ولا أريد أن أطيل في هذا حتى نستطيع أن نجيب عن بقية الأسئلة .

 

[ إذا رفض الوالدان زيارة ابنتهم لأخت لها في الله ، فهل يجوز أن تصلها خفية دون علم والديها ؟ وهل يجوز لها التورية في ذلك ؟ ]

 

السائل : إذا رفض الأهل أن تزور ابنتهم أختاً لها في الله ومشتاقة لها ودائماً يرفضون هذه الزيارة ، أيسمح لها الإسلام بأن تخرج لزيارتها دون إخبارهم بذلك ؟ أم تقول لهم شيئاً غير حقيقيا ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : لا يجوز أن تزورها بدون إذن أبَويْها كما لا يجوز لها أن تكذب عليهما ، وإنما عليها أن تقنع الأبَويْن بأن هذه الزيارة الشارع الحكيم يأمر بها ، فإذا اقتنعوا كان بها وإذا ما اقتنعوا فلا يجوز للبنت ولاسيما إذا كانت تدعي أنها ملتزمة بالشريعة أن تخرج عن طاعة أبويها في مثل هذه الزيارة .

السائل : أستاذي ، بالنسبة لـ ، كذلك الدروس ينطبق على ذلك ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : نعم .

السائل : نحن في درس مثلاً في وعظ في شيء .

الشيخ الألباني رحمه الله : نفس الشيء لا بد من أن يكون ، .

 

[ ما حكم تغطية الوجه والكفين للمرأة في وقت الفتنة ؟ وهل يجب عليها طاعة والدها إذا منعاها من تغطيتهما ؟ ]

 

السائل : ما حكم لبس الخمار – غطاء الوجه والكفين – في الوقت الحالي ؟ وإذا شعرت الفتاة بالفتنة واختارت أن تلبس ولكن الأهل رفضوا وخصوصاً الوالدة ، فماذا تفعل ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : إذا كان الرفض قاصراً على الوجه والكفين فيجب إطاعة الوالدين في ذلك ، أما إذا كان الرفض يشمل أكثر من ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، أي : يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها إلا الوجه والكفين ، فسترهما غير واجب ، لكنه مستحب ، فإذا لم يرضَ الوالد ذلك لابنتهما أن تستر وجهها وكفيها فلا مانع من إطاعتها لهما ، ولا معصية في ذلك ، بخلاف ما إذا رغبوا منها أن تكشف عن غير الوجه والكفين ، فحينئذٍ لا طاعة لهما عليها ، لأن ذلك معصية .

 

[ ما حكم لبس " الإيشارب " وهو ما ينوب عن الخمار ؟ وما هو التفسير الصحيح للخمار ؟ ]

 

السائل : ما حكم لبس الإيشارب أستاذنا ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : الإيشارب لا يكفي ، يجب أن يكون خماراً بحيث يستر جميع الرأس والنحر ، الإيشارب ليس سابغاً ، وليس سترته كافية .

السائل : تضم ( كلام غير واضح ) ، أستاذنا الكتفين كذلك ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : أي نعم ، هذا هو الخمار ، ( كلام غير واضح ) الخمار أنه فضفاض وواسع يستر الرأس ويستر المنكبين حينما نقول : يستر النحر ، فحينما يستر النحر يستر المنكبين لأنه واسع ، أما الإيشارب فكثيراً ما نرى النساء يبدو الشيء من العنق بسبب الإيشارب ، بينما الخمار يستر العنق والمنكبين معاً ، والله أمر بذلك ، فقال : ) وليضرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جيوبهن ( أما الإيشارب هذا من باب – كما يقال اليوم : – أنصاف حلول ، وليس في الإسلام أنصاف حلول .

السائل : أستاذي ، كثير الآن من بعض – يعني – الملتزمين والملتزمات في الدين وفي لباسهم يعتقدون أن الخمار هو غطاء الوجه ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : هذا جهل باللغة ، الخمار : هو غطاء الرأس ، فلذلك الرجل يختمر ، أي : يضع الخمار على رأسه ، والمرأة كذلك ، ولذلك قال : ) وليضرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جيوبهن ( فلو كان الخمار يستر الوجه ، فلا يقول : ( يضربن ) ، يعني : يشده ، وإنما فيه سَدْل ، هذا جهل في اللغة .

 

[ هل يجوز للمرأة المسلمة أن تنتعل " الكعب العالي " ؟ ]

 

السائل : إذا ما لبست المرأة كعباً عالياً في الحذاء ، يجوز لها ذلك ؟ وما الحكم ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : لا يجوز التشبه بالكافرات أو الفاسقات ، وأصل هذا من اليهوديات ، كُنَّ قديماً قبل الإسلام إذا أرادت الواحدة منهن أن تحضر المجتمع الذي يكون فيه عشيقها ، فلكي يراها كانت تلبس نوع من القبقاب العالي ، فتصبح طويلة فتُرى ، ثم مع الزمن تحَوَّل هذا إلى النعل بالكعب العالي ، أما هذا النعل الذي يجعل المرأة – يعني – تتغير مشيتها تميل يميناً ويساراً ، ومن أجل ذلك اخترع الفساق الكفار هذا النوع من النعال ، فلا ينبغي للمرأة المسلمة الملتزمة أن تلبس نعلاً بكعب عالي ، لاسيما في كثير من الأحيان بيكون سبب في إيذاءها ووقوعها على أم رأسها إذا ما تعثرت في الطريق لأدنى سبب .

 

[ هل يجوز سب الكافر وغيبته ؟ ]

 

السائل : هل يجوز استغابة الكافر والمشركة ؟ وهل يجوز أن يسبهم ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : هل يجوز ايش ، الأول ؟

السائل : هل يجوز استغابة الكافر والمشرك ؟ أي نعم ، وهل يجوز أن يسبهم ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : يجوز كل ذلك ، لأن الكافر لا حرمة له ، إلا إذا كان يترتب من ذلك مفسدة ، فمثلاً : إذا كان بسبة كافر في وجهه أو بقفاه ، فيبلغه ذلك ، فربما يسب المسلم ويسب دينه ونبيه إلى آخره ، فعند ذلك يحرم سب المسلم للمشرك .

 

[ تفسير آية ) لا يمسه إلا المطهرون ( وبيان أنهم الملائكة ؟ وما حكم السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار ؟ ]

 

السائل : في الآية : ) لا يمسه إلا المطهرون ( المقصود : بـ ) المطهرون ( المؤمنون أم المتوضئون ؟ وما الحكم من عدم أخذ القرآن للبلاد الكافرة ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : المقصود بالآية لا هذا ولا هذا ، وإنما المقصود : هي الملائكة ، وهو إخبار من الله عز وجل عن الملائكة وليس هذا القرآن ، وإنما الذي هو في اللوح المحفوظ ، فهذا المصحف الذي هو في اللوح المحفوظ ) لا يمسه إلا المطهرون ( وهم الملائكة المقربون ، أي : جملة خبرية ، وليست جملة إنشائية ، يعني : تصدر حكماً شرعياً ، الله يتحدث عن الواقع ، أن القرآن يعني الذي هو في الكتاب المكنون يعني اللوح المحفوظ ، هذا ) لا يمسه إلا المطهرون ( وهم الملائكة المقربون ، أما المصحف الذي بين أيدينا ، فهذا يمسه الصالح والطالح والمؤمن والكافر ، فليس يعني ربنا عز وجل بهذه الآية : البشر مطلقاً سواءٌ كانوا صالحين أو طالحين ، وإنما يعني - كما قلنا - : الملائكة المقربين ، أما السفر بالقرآن والمصحف إلى أرض العدو لا يجوز إلا إذا أُمِنَ أن يُمَسَّ بسوءٍ وأن يُهَنْ ، فيجوز حينذاك – إذا أمنا أن يُهان المصحف – يجوز إدخاله إلى أرض الكفار لعلهم – يعني - يتمكنون من قراءته ودراسته .

السائل : جزاك الله خيرا .

الشيخ الألباني رحمه الله : تفضل .

السائل ( الشيخ علي حسن الحلبي ) : بالنسبة لقراءة القرآن ومس المصحف للجنب فما حكم ذلك ؟ و الطواف بالبيت كذلك ( كلام غير واضح ) .

الشيخ الألباني رحمه الله : ( كلام غير واضح ) ايش ؟

أحد الحضور مع الشيخ علي بن حسن الحلبي: والطواف بالبيت .

الشيخ الألباني رحمه الله : والطواف بالبيت ، نعم .

السائل ( الشيخ علي بن حسن الحلبي ) : مس المصحف وقراءة القرآن – يعني – لا هي جزء من آية ولا مثلاً تبرك أو ( كلام غير واضح ) شيء متعمد ، ويمس المصحف ويقرأ .

الشيخ الألباني رحمه الله : نعم .

السائل ( الشيخ علي بن حسن الحلبي ) : فما حكم ذلك كذلك ؟ أفيدونا أفادكم الله .

الشيخ الألباني رحمه الله : بارك الله في الجميع ، نقول : لا شك ، أن ذكر الله تبارك وتعالى له قداسته وله حرمته ، ولذلك فمن المجمع عليه عند علماء المسلمين أن قراءة القرآن على طهارة كاملة ، هو الأفضل وهو اللائق بعظمة كلام الله عز وجل ، وإذا كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أبى أن يتلفظ باسمٍ من أسماء الله عز وجل ألا وهو ( السلام ) إلا على طهارة في الحديث المعروف في السنن ومسند أحمد وغيره : أن رجلاً سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما كان منه عليه السلام إلا أنْ بادر إلى الجدار وتوضأ ورد السلام ، وقال : ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) ، أن نذكر الله لأن ( السلام ) اسم من أسماء الله ، كما أيضاً في الحديث الصحيح في كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ، ( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ، هذا السلام كره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرده على من سلم عليه إلا على طهارة ، [1] القرآن وهو غير طاهر سواءً الطهارة الصغرى أو الكبرى ، لعدم وجود دليل يحرِّم على المسلم أن يقرأ القرآن وهو على غير طهارة ، ولكن هذا الحديث فيه حضٌّ واضح جداًّ على أن يقرأ القرآن وهو على طهارةٍ كاملة ، لكن هنا شيء : هذا الحكم وهو الأفضل ( كلام غير واضح ) الأكمل الكامل لا يستطيعه كل مكلفٍ من المسلمين إلا الرجال فقط ، أما النساء فتارةً وتارة ، وآنفاً سمعتم قول الرسول عليه السلام في السيدة عائشة التي حاضت قال لها : ( اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي ) ، فهي إذن لا يُقال لها : توضئي كما نقول للرجل ، لأنها لا تستطيع سمعاً أن تتوضأ ، لا تستطيع شرعاً أن تتطهر ، ولذلك فلها أن تقرأ ما شاءت من القرآن بدون ما نقول : مرجوح وراجح كما نقول بالنسبة للرجل الجنب مثلاً ، نقول : عليه أن يغتسل ، لأنه يستطيع أن يغتسل ، وبذلك يتطهر ، فنقول : الأفضل لك أن تتوضأ ، أما المرأة الحائض أما المرأة النفساء التي يمضي عليها في بعض الأحيان أو في جنسٍ من أجناس النساء أربعون يوماً أو أكثر وهي في حالة النفاس فيُقال لها : لا تقرئي! ، ليس عندنا دليل يمنع المسلم عامةً رجالاً فضلاً عن النساء يمنعهم من قراءة القرآن إلا على طهارة ، والحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقرأ القرآن حائض ولا جُنُب ) هذا حديثٌ منكر كما يقول إمام السنة أحمد بن حنبل ، لا يصح هذا الحديث ، لو كان صحيحاً وجب الانتهاء إليه ، بالإضافة إلى ضعف هذا الحديث وما قد يكون في الباب من أمثاله من الضعاف ، فأمامنا حديث السيدة عائشة حيث أمرها وأذن لها أن تصنع كل شيءٍ يصنعه الحاج إلا أنها لا تصلي ولا تطوف ، ترى الحاج لا يقرأ القرآن ؟ وإلا هناك موسم لقراءة القرآن ، لأن هناك الفراغ وهناك التوجه من الحاج بِكُلِّيَتِهِ إلى الله تبارك تعالى ، بلا شك يقرأ القرآن ، فإذن هذا الحديث فيه إذنٌ مباشر للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن ، فلا يجوز أن نمنع النساء من قراءة القرآن ، بحجة أنها غير طاهر ، لو أن الله منعها كما منعها من الصلاة ، لوقفنا عند هذا المنع وانتهينا ، لكننا نجد الشارع الحكيم قد أوحى إلى الرسول الكريم بالتفريق بين الصلاة وبين أجزاء الصلاة ، لأن بعض الناس يقولون : يا أخي ، القراءة ركن من أركان الصلاة ! فلماذا لا نوجب الطهارة بهذه القراءة وهي جزء من أجزاء الصلاة ؟ فنقول : ليست القراءة فقط هي جزء من أجزاء الصلاة ، فأول ما تُستفتح الصلاة به هو قولنا : ( الله أكبر ) ، فلنقل : إذن ، لا يجوز لمسلمٍ أن يقول : ( الله أكبر ) إلا على طهارة ، لأنها ركن من أركان الصلاة ، كذلك يُقال عن التسبيح والتحميد والتكبير ، إلى آخره ، لا يوجد شيءٌ من ذلك أبداً ، مع الاحتفاظ بما ذكرناه من الأفضل أن يذكر الله على طهارة ، كذلك يُقال تماماً بالنسبة لمس القرآن ، أيضاً مس القرآن يُشرع ، فقد جاءت آثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يمتنعون فعلاً مش فكراً يمتنعون فكراً عن مس القرآن إلا على وضوء ، فهذا فيه بيان لما هو الأفضل لمن يريد أن يمس القرآن أو أن يقرأ القرآن ، أما الإيجاب والقول بأنه يحرم على المرأة غير الطاهر فضلاً عن الرجل أن يمس القرآن ، فهذا لا دليل عليه أبداً ، والناس بلا شك يتوهمون أن هناك أدلة ليست بدليل إطلاقاً ، من ذلك مثلاً ما يشتبه أمره على الكثير من الناس خاصة الذين لهم وَلَه ولهم عناية بتلاوة القرآن حين يقرأ قول الله عز وجل في القرآن : ) لا يمسه إلا المطهرون ( وقد وصل الخطأ في حمل هذه الآية على هذا الموضوع الذي نحن فيه أي : بأن يفسروا قوله عز وجل : ) لا يمسه ( أي : هذا المصحف الذي بأيدينا ، ) إلا المطهرون ( أي : إلا المتوضئون ، وصل هذا الفهم إلى أن يُنشر على كل نسخة تُطبع في العالم الإسلامي من القرآن الكريم : عنوان ) لا يمسه إلا المطهرون ( ، وهذا خطأ يشبه خطأً آخر من حيث الخطأ الفكري العلمي أولاً ثم من حيث نشره وتعميمه للناس ثانياً ، الآية التي تُكتب على المحاريب : ) كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عنها رزقاً ( المحراب يعني طاقة ، هذا كذب ، هذا جهل ، المقصود بالمحراب : هو مكان الصلاة ، ) كلما دخل عليها زكريا المحراب ( يعني : الغرفة التي كانت منعزلة فيها عن الناس تعبد الله عز وجل ، هذا هو المحراب ، وليس المحراب هو هذا الذي أُدْخِلَ إلى المساجد منذ قديم – مع الأسف الشديد – تأثراً بمحاريب الكنائس ، محاريب النصارى في كنائسهم ، وإلا في الإسلام لا يوجد محراب ، مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب ، وللحافظ المشهور المصري السيوطي – الحافظ السيوطي صاحب ( الجامع الكبير ) و ( الجامع الصغير ) – رسالة يمكن أنا نسيان عنوانها [2] - أي نعم – ( إعلام الأريب ) وهذا – يعني – بحث قَيِّم جداً ، ينقل هناك نصوصاً لأهل العلم أن وجود المحاريب في المساجد من محدثات الأمور ، الشاهد : الآية السابقة ) لا يمسه إلا المطهرون ( ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن الذي هو بين أيدينا ، وهذا له شرح كبير أوجزه بقدر الاستطاعة فأقول : ) لا يمسه ( الضمير هنا يرجع إلى الكتاب المكنون المذكور من قبل ، لأن الله عز وجل يقول [3] : ) لا يمسه إلا المطهرون ( راجع للكتاب المكنون ، كتابنا هذا – والحمد لله – ليس مكنوناً ، لأنه شو معنى مكنون ؟ يعني مخفي ، محفوظ يعني ، ولا تراه ولا تطوله أيدي الشياطين ، ولذلك للإمام مالك رحمه الله – يعني – فهم جيد ولطيف جداًّ في كتابه الموطأ في تفسير هذه الآية ، حيث يقول : أحسن ما سمعتُ في تفسيرها أنها كالآية التي في سورة عبس ) كلاَّ إنها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحفٍ مكرمة ، مرفوعةٍ مطهرة ، بأيدي سفرة ، كرامٍ بررة ( مين هدول السفرة ؟ الملائكة ، هدولا الملائكة هم أنفسهم المقصود أنهم يمسون ، وأن غيرهم لا يمسون ذلك الكتاب المكنون ، هذا قرينة ، وهناك قرائن أخرى ، ومن أقواها : أنه قال تعالى : ) إلا المطهرون ( نحن معشر البشر لا يجوز أنْ نَصِفَ أنفسنا مهما سَمَوْنا وَعَلَوْنا في الصلاح والتقوى بأننا مُطهَّرون ، نحن لسنا مُطهَّرون ، ولا يجوز للإنسان أن يُطهَّر أبداً ، بل نحن مُلَوَّثون والصالح منا من يتكلف فيتطهَّر ، الصالح منا من يتكلف – يعني : يتصنع الطُّهْر – وهذا ليس من شأنه أنه طاهر ، المطهَّرون هم الملائكة الموصفون في القرآن الكريم بقوله عز وجل : ) لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يُؤمرون ( أما البشر فهم الذين عناهم الله عز وجل : ) إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( كذلك لما ذكر مسجد قباء قال : ) فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا ( فنحن إذا كنا مثلهم فهنيئاً لنا ، يعني نتطهر ، أما مُطهَّرين ،  فهيهات هيهات ، فالشاهد من الاستدلال بهذه الآية ، وربطها بهذا الموضوع هذا خطأ شائع ، ومن أحسن من تكلم على هذه الآية بأحسن مما ذكرنا ، ومنه نحن استمددنا ، هو العلامة ابن القيم الجوزية ، في كتابه ( أقسام القرآن ) ، فهناك أفاض و أجاد ، لعل في هذا كفاية إن شاء الله .

 

[ ما حكم نتف الحاجبين للتجمُّل ؟ ]

 

السائل : لو سمحت شيخي هالسؤال : ما حكم نتف الحاجبين للتجمل ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : [ و بداية الجواب مبتورة ] قال عليه السلام : ( كل خلق الله حسن ) فإذن واحد أو واحدة ، حاجبه أو حاجبها مقرون مع الآخر هذا لا يملكه الإنسان ، هذا خلق الله فيجب أن نرضى بخلق الله كما قال تبارك وتعالى ، ما عم بتذكر الآية ، المهم أنه ربنا عز وجل ، الآن جاءت الآية : ) وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله و تعالى عما يشركون ( هذا الجواب على السؤال الأخير .

 

 [ ما حكم الاشتراط في الحج والعمرة ما ثمرته ؟ ]

 

السائل: ما حكم الاشتراط في الحج والعمرة : ( اللهم محلي حيث حبستني ) ، وماذا يلزم من يشترط شروطا لإكمال نسكه ؟

الشيخ الألباني رحمه الله : حكم الاشتراط : الجواز ، وثمرته : أنه إذا اشترط في من يريد الحج أو العمرة ثم أصابه شيء منعه من إتمام الحج أو العمرة وهذا يُعرف في لغة الشرع بـ ( الإحصار ) ، فإنْ أُحْصِرْ فما استيسر من الهدي ، هذا أمر واجب ، كل من لم يتمكن من إتمام الحج فعليه الهدي وعليه الحج من العام القابِل ، بخلاف من اشترط في أول إحرامه ، فقال : ( اللهم محلي حيث حبستني ) ، فهو في حل من وجوب إعادة الحج الذي حِيلَ بينه وبينه ، ثم لا يجب عليه الهدي ، بخلاف ما لو لم يشترط ، وهو الذي أراده الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح المعروف عنه ، ألا وهو قوله عليه السلام : ( من كُسِرَ أو مَرِضَ أو عَرَجَ فقد حَلَّ ، و عليه حِجَّة أخرى من قابِل ) ، هذا إذا لم يشترط ، أما إذا اشترط ، فلا شيء عليه إطلاقاً ، مع التنبيه أن الإعادة عليه ولو كان قد حج فريضة أو حجة الإسلام ، فإذا لم يشترط وأُحْصِر ولم يتمكن من متابعة الحج فعليه من قابِل إعادة الحج ولو كان أدى فريضة الحج ، هذا جواب ما سألت .

 

[ بيان الشيخ وجوب التجمع والتقارب في المجالس وعدم التباعد والتفرق منها ، وذكر نصوص حديثية دالة على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بإصلاح تعابير الناس وظواهرهم ؟ ]

 

الشيخ الألباني رحمه الله : [ كلام منفصل عن السابق ] يعني أنت تسأل عن حديث : ( لا يرقون ولا يسترقون ) ، هنا سؤال سألقيه عليكم مع جوابه إن شاء الله بعد أن ألقي كلمة وجيزة حول أدب من آداب المجالس التي أهملها اليوم خاصة الناس فضلاً عن عامتهم ، من هذه الآداب : هو التجمع والتكتل والتقارب في المجلس وعدم التباعد فيه ، وهذا من حِكَم الشريعة في كثيرٍ من أحكامها الظاهرة ، والتي جاء التصريح بها في بعض الأحاديث الصحيحة ، فهناك مثلاً في صحيح مسلم حديث جابر بن سمرة – فيما أذكر – : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : دخل المسجد يوما فرآهم متفرقين حلقات حلقات ، فقال لهم : ( ما لي أراكم عزين ) ، ( ما لي أراكم عزين ) أي : متفرقين ، وأهم من هذا ما يرويه الإمام أحمد في كتابه المسند بالسند القوي عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ، قال : كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونزلنا تفرقنا في الشعاب والوديان ، فسافرنا يوماً ونزلنا كما كنا ننزل ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( إنَّ تفرقكم في هذه الشعاب والوديان إنما هو من عمل الشيطان ) قال : فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا ، فـ ( شو ) رأيكم إنتم بأه جالسين هنا في سطح ممهد مسهب ، فهذا التفرق ليس من سنة الإسلام ، ولذلك فكلما تضامت الحلقة كلما كانت مشمولة برحمة الله عز وجل وفضله ، وكثير من الناس يجهلون أن هناك ارتباطاً وثيقاً جداً بين ظاهر الإنسان وباطنه ، وهذا الارتباط الوثيق ، مما توافرت كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدلالة عليها ، ولعلكم تعلمون العبارة التي تُذكر في كثير من الكتب : الظاهر عنوان الباطن ، وهذا الذي أشار إليه الشاعر قديماً حين قال :

و مهما تكن عند امرئ من خليقةٍ                .

 

وإنْ خالها تخفى على الناس تعلم                                .

 فلا بد ما يكون هناك ارتباط بين الظاهر وبين الباطن ، لذلك عـُنـِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنايةً بالغةً في إصلاح ظواهر المسلمين فضلاً عن باطنهم ، فهو عليه السلام كما جاء بإصلاح القلوب والبواطن ، كذلك جاء بإصلاح الأجساد و الظواهر معاً ، فليس الأمر فقط كما يقول كثير من الناس : العبرة بما في الباطن ، نعم ، العبرة بما في الباطن ، لكن ذلك لا يستلزم عدم العناية بالظاهر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام حينما رأى ذلك الرجل أو سمع ذلك الرجل يقول – والرسول عليه السلام يعظ الناس على طاعة الله وإتباع كتابه ، قام ذلك الرجل ليقول له - : ما شاء الله وشئت يا رسول الله ، فغضب عليه السلام غضباً شديداً ، وقال : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، ( ما شاء الله وحده ) ، هذا لفظٌ ظاهر ، ظهر من لسان ذلك الصحابي خطأً منه ، لكن هذا الظاهر خلاف باطنه يقيناً ، لأن باطنه كان عامراً بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لما أخطأ في اللفظ لم يسكت الرسول عليه السلام عنه ، بل أصلح له عبارته وقال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم يقيناً أن هذا الرجل ما قصد ما دل عليه لفظه ، لفظه دل على أنه جعل الرسول شريكاً مع الله في إرادته تبارك وتعالى ، لكن هذا الصحابي يعلم أن مشيئة الله تبارك وتعالى قبل كل شيء وفوق كل شيء ، لأنه يقرأ في القرآن الكريم : ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( ولا أحد يظن أن ذلك الصحابي يجهل هذه الحقيقة ، لكن أخطأه لسانه ، أخطأه لسانه ، لكن الرسول عليه السلام أصلحه إياه وَدَلَّهُ على ما يقول , قال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، وفي رواية أخرى : ( ما شاء الله ثم شئت ) ، والأحاديث في هذا الصدد كثيرة ، ولستُ الآن في صدد بيانها ، لأنها كلمة حول التجمع في المجلس وعدم التفرق فيه ، و لكني قبل أن أنهيها أرى نفسي مضطراً أن أذكر بحديث آخر فقط ، لما فيه من الروعة في اهتمام الرسول صلوات الله وسلامه عليه في إصلاح تعابير الناس وظواهرهم ، ألا وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ) ، ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ) ما معنى : ( لقست ) ؟ في اللغة يساوي : ( خَبُثَتْ ) ، ( لقست ) لغة بمعنى : ( خَبُثَتْ ) ، لكن كلمة : الخبيثة ، خبيثة , فما أرادها الرسول عليه السلام ، أن يتلفظ بها المسلم ، حينما يجد في نفسه شيء من هذه الخباثة بلفظة : ( الخبث ) ، و إنما عدل به عنها إلى لفظة : ( لَقِسَ ) ، وهذه اللفظة بطبيعة الحال وأنتم عرب ، لا تعرفونها ، لكن سيد العرب والعجم هو علمكموها ، وقال : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لقست ) ، هذا في تأدب المسلم مع نفسه ، لأنه مسلم ، فما بالك بالتأدب مع الله ومع نبيه عليه الصلاة والسلام ؟! فبالأحرى أن يتأدب المسلم مع الله ثم مع رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يأتي بعبارة قد تمس مقام النبوة أو مقام الرسالة ، آنفاً ، والسائل ينبغي أن يلاحظ هذا ، سألني سائل بيني وبينه ، قال ، لعله قال : هل يشرع أو هل يجوز أن يقول السامع للأذان إذا قال المؤذن ... .

هنا انتهي الشريط الأول والفضل لله وحده ... .

 

[1] - الظاهر أنه يوجد مسح في الشريط .

[2] - في هذه اللحظة قام الشيخ علي بن حسن الحلبي بتذكير الشيخ الألباني رحمه الله بعنوان الرسالة قائلاً : ( إعلام الأريب ببدعة المحاريب ) .

[3] - قال الشيخ علي بن حسن الحلبي محاولاً تذكير الشيخ بالآية : ) إنه لفي كتاب لدينا ( ،

اعترض بعض الحضور وحاول التذكير بالآية .

الشيخ الألباني رحمه الله : لأ ، لأ ، لأ ، لأ ،

الشيخ علي بن حسن الحلبي : ) إنه لقرآن كريم ، في كتاب مكنون ، لا يمسه إلا المطهرون ( .