هل الترحم على المبتدعة يعتبر ثناء عليهم ؟

 

** السؤال كامل

تدخل للشيخ علي حسن: من تمام المسألة كما لحظتم من المسائل التي تتردد اليوم كثيرا، فلتمام البحث أستاذي أسأل أيضاً أو أنبِّه حول شيء حتى تتم الفائدة إن شاء الله ، وهذا الشيء يذكره الإخوة الذين يتبنون هذه المسائل، يقولون نحن إذ نقول: بعدم الترحم عنهم، لأن الترحم ليس بواجب، هو جائز، نحن لا نمنع ولا نحرم الترحم، ولكن نمتنع منه حتى لا يكون فيه نوع ثناء وتزكية ومدح لأهل البدعة هؤلاء الذين قد لا نقول إنهم مبتدعة مثلاً ونحكم عليهم بأنهم مبتدعة من الكبراء، ولكن مثلاً لا نثني عليهم، ولا نقول: هم أئمة، مثلاً إذا ورد ذكر النووي، لا نقول قال الإمام النووي، بل هم يتجنبون أحياناً ويتحاشون النقل عنهم والعَزْو إليهم، حتى بعض إخواننا في محاضرة له نقل عن بعض هؤلاء يعني نقولاً سلفية في الحقيقة، وتؤيد المنهج، فقالوا له: كيف أنت تنقل عن هؤلاء ؟.، وأعني بهؤلاء ليس من ذكرهم شيخنا بأنهم مثلا ابن حجر والنووي، ولكن نقل مثلاً عن سيد قطب، ومحمد قطب، وقال: كيف تنقل عن هؤلاء ؟. وهؤلاء معروفون أنهم ليسوا سلفيين، فأنت بصفتك سلفياً إذا نقلت عنهم فكأنك تثني عليهم، وبالتالي تقول للناس أن هؤلاء سلفيون، وهذا سبيل للتغرير من الناشئة بهؤلاء ، فلعلهم يصبحون كمثلهم في البدعة والانحراف، والبعد عن الجادة. فإذا شيخنا رأيتم التعليق على هذه .

*جواب السؤال

الشيخ: إني لا أعتقد أن أولاً هذا مقصدهم، وثانياً لو كان هذا مقصدهم أنه أسلوب في التوعية. أنا سأقول، هؤلاء الذين أشرتَ إليهم، هل يقرؤون فتح الباري ؟، أم لا يقرؤونه ؟. أيما الأمرين افترض فهو خطأ بالنسبة إليهم. إن قيل: لا يقرؤون، إذن من أين يفهمون صحيح البخاري شرحاً وفقهاً، وخلافاً، ومصطلحاً، وحديثاً وو إلى آخره ؟. سوف لا يجدون في شروح البخاري في الدنيا كلها سلفياً، لا يجدون سلفيا كما نريد نحن شرح البخاري، ثم إن وُجد مشروحاً، فسيوجد بشروح فيه رؤوس أقلام فقط. أما هذا البحر الزاخر من العلم المتضمن، والمفتوح على صاحب الفتح به عليه، هذا لا يجده في أي كتاب من كتب التي تولت الكلام على صحيح البخاري. إذًا هم سيخسرون علماً كثيراً . فإن كانوا يعنون، أو يضمنون هذا الكلام تحذير الناس من جملة ما يحذرون أنه ما ينتفعون من كلام هذا الإمام ، خسروا العلم، مع أنه بإمكانهم أن يجمعوا بين جلب المصلحة، ودفع المفسدة كما هو شأن العلماء ، الآن لا يوجد عالم في الدنيا من بعد العسقلاني ، والنووي إلى اليوم، يمكنه أن يستغني من الاستفادة من شرحهما، هذا للبخاري، وذاك لمسلم ، ومع ذلك فهُم حينما يستفيدون من كتبهما أو كتابيهما، هم يعرفون أنهم في كثير من المسائل هم أشاعرة ، ومخالفون لمنهج السلف الصالح، فاستطاعوا بعلمهم وليس بجهلهم أن يأخذوا من هذين الكتابين أو من صاحبها من العلم ما ينفعهم، وأن يُعرضوا عما يضرهم ولا ينفعهم. قصدي أن أقول: أنا أخشى ما أخشاه أن يكون وراء هذا الكلام المعسول هو التحذير مِن انتفاع من كتبهم ، وحينئذ فيه خسارة. وإذا قالوا: لا نحن ننتفع من كتبهما، ونَقرأهما، ونُقرِّءهما أيضاً، حينئذ إيش فائدة هذا الأسلوب مِن الامتناع عن الترحّم، وهو مسلم كما قلنا في أوّل الكلام. ثم ما الفائدة وما الثمرة من قولهم نحن لا نقول بأنه لا يجوز الترحم لكننا لا نترحم، لماذا؟ لأنهم وَقعوا في البدعة، قد ذكرنا آنفاً، ليس كل من وقع في البدعة، وقَعت البدعة عليه، ليس كل من وقع في الكفر، وقَع الكفر عليه، هذا تلبّسه الكفر، وذاك تلبسته البدعة، فإذاً هذا التحفّظ لا فائدة منه. ثمّ يا أخي أسلفية وخلفية ؟، هل العلماء الذين ورثنا عنهم هذه الدعوة الطيّبة، أهكذا كان موقفهم مِن أمثال هؤلاء الأئمة ؟. كموقف هؤلاء ؟. أو هذا النشأ الناشئ الجديد ممن يدّعي السلفية ؟، أولئك كانوا كهؤلاء ؟. العكس هو الصواب، ينبغي أن يكون هؤلاء كأولئك الذين سبقونا إلى هذه الدعوة الصالحة. غير ذلك.