هل يشترط في الداعي إلى الله أن يكون عالماً حافظاً الكتب الستة وغيرها.

 
** السؤال كامل
السائل : بالنسبة إلى النقطة الثانية: أن ندعوهم إلى العلم، فهم عن عمد أو غير عمد يفهمون عنا هذه الكلمة خطأ، فيقولون ويظنون أننا نحن نريد بالعلم أن يحفظوا الكتب الستة حفظاً، وأن يحيطوا بالعلوم كلها صغيرها وكبيرها، فمثل هذا نريد له توضيحاً.
* جواب السؤال

الشيخ : لا ، لا؛ ما نقول نحن إيش... نحن أولا: نعني بالعلم العلم المستقى من الكتاب والسنة، ونعني ثانياً: بأنه يجب على المسلمين أن يتعلموا لينجوا من هذه المسائل الأربع، أي: لينجوا من أن يقعوا في الخلاف، والخلاف قائم، فهم يرجون إبقاء هذا الخلاف بسبب بعدهم عن العلم، وكلما تعلم المسلم وزاد علمه كلما كان ناهياً عن الاختلاف، ربنا يقول في القرآن الكريم فضلاً عن النبي  : ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم:32] وهذا واقع الجماعات الإسلامية، فبماذا نقضي على هذا؟ نقضي على هذا بالعلم الصحيح، ثم نحن نريد من عامة المسلمين أن يتعلموا شيئين اثنين: ما يصححون به عقيدتهم، وما يصححون به عبادتهم، لا نريد من كل مسلم أن يكون علاَّمة في التفسير، في الحديث، في الفقه، في اللغة، فهذا له علماء يتخصصون في ذلك، وهذا فرض كفاية. فالعلم علمان كما يذكره العلماء جميعاً لا خلاف بينهم: علم فرض عين، وعلم فرض كفاية. فرض العين هو: ما يجب على كل مسلم أن يتعلمه، وأنا أضرب مثلين اثنين فقط - اختصارا للكلام - كل مسلم بالغ واجب عليه أن يصلي، لا يستثنى من هذه الصلاة أحد منهم، إذاً كل مسلم فرض عليه أن يتعلم ما تصح به الصلاة شروط الصلاة، وأركانها، وواجباتها، هذا فرض على كل مسلم، فهل يقوم أفراد جماعة التبليغ في أنفسهم بهذا فضلاً أن يبلغوه الآخرين؟ الجواب: لا. فإذاً: هم تاركوا فرض عين فهم مؤاخذون. مثل ثاني يقابل هذا : الحج إلى بيت الله الحرام، ليس يجب الحج إلى بيت الله الحرام على كل مسلم بالغ مكلف، ذلك لأن الله عز وجل قال: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ [آل عمران:97] فقد لا يستطيع المسلم، إما لفقره، أو لمرضه، أو لأي سبب آخر، لا يستطيع أن يحج، فنقول له: لا يجب عليك أن تتعلم أحكام الحج، أما الآخرون - كما تسمعون والحمد لله في كل سنة- في حجاج إلى بيت الله الحرام، لكنهم يخلون بهذا الفرض فلا يتعلمون أحكام الحج هؤلاء الذين يستطيعون الذهاب صار فرض عين عليهم أن يتعلموا أحكام الحج، أما الآخرون وهم الجمهور الذين لا يجب عليهم الحج فلا يجب عليهم تعلم الحج، من الذي يجب عليهم أن يتعلموا أحكام الحج؟ أولئك الفقهاء والعلماء الذين يتوجه الناس إليهم بالأسئلة؛ عليهم أن يكونوا على علم بما هم يتعرضون للسؤال عنه. فإذاً: نحن لا نريد من كل فرد من أي جماعة كانت أن يصير علامة، وكما يقول المثل السوري:" فلان عالم مثل الصحن الصيني لِـمَا رميت بيجاوب"، لا نحن نريد فقط كل فرد يقوم بالواجب الذي يجب عليه الصلاة كما قلنا كل واحد يجب عليه إذا بلغ سن التكليف، الزكاة ليست كذلك، الحج ليس كذلك. فإذاً بعض هذه الأحكام فرض عين، من لم يفعل فهو آثم عند الله، ولذلك نحن نرى جماعة التبليغ و الإخوان المسلمين و حزب التحرير كجماعة، لا أقول كل فرد منهم؛ لأني أعرف أن في الإخوان وفي كل الجماعات هذه أفراداً يمشون معنا على الخط السلفي؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يجادلنا في أن هذا الخط الذي نحن ماضون فيه هو الذي قال عنه ربنا: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام:153]، لا أحد من هؤلاء يستطيع أن يجادلنا في هذا، ولذلك فنحن نعلم بالتجربة أن في كل هذه الجماعات أفراداً معنا على هذا الخط علماً وعملاً، لكن كجماعة كلهم لا يقومون بالفرض العيني، أقل شيء أن يعرفوا صلاة الرسول كيف كان يصلي؛ ما يعرفون، فهم إذاً لا يقومون بفرض العين، هذا الذي نريده منهم، لكن بالإضافة إلى هذا -كما قلت آنفاً- نريد منهم أن يكون فيهم علماء، علماء أحاطوا بقدر ممكن من العلم، بما يجب وجوباً عينياً وبما يجب وجوباً كفائياً، فإذا سأله السائل: أنا ذاهب إلى بيت الله الحرام، هل أحج -مثلاً- مفرداً، أم أحج قارناً، أم أحج متمتعاً؟ ربما يجيب مثل ما أجاب ذاك التركي الذي علم أباه ونصبه مفتياً، يمكن بعض إخواننا ما سمعوا النكتة، وبخاصة أنه طال الدرس، وبيقولوا: إن العلم جاف، فخلِّينا نبَلَّعْ شويه بهذه النكتة هذه: زعموا أن مفتياً عرض له سفر فقال لأبيه: اخلفني من بعدي، فقال: يا ابني كيف أخلف من بعدك وأنا رجل لا أعلم؟ قال معليش أنا بدلك على طريقة تمشي حالك ريثما أنا أعود، قال: هات نشوف، قال: أنت تجلس على الكرسي في مكاني، وكلما جاءك سائل سألك أي سؤال قل له: في المسألة قولان، وقال لأبيه: جزاك الله خيراً، سافر المفتي وجلس أبوه مكانه، صار الناس كالعادة المفتي هو الذي يعطيهم الجواب في مشاكلهم، ما في عنده جواب غير يا أخي في المسألة قولان، كان السؤال -مثلاً-: أنا قلت لزوجتي: زوجي طالقة، وكلما أحل لك شيخ حرم عليك شيخ إلخ، هذه طلقت مني وَلَّا لا ؟ يا ابني في المسألة قولان: منهم من يقول: طلقت، ومنهم من يقول: ما طلقت أنا عملت كذا وكذا وجب علي الزكاة وَلَّا لا ؟ في المسألة قولان: منهم من يقول: يجب، ومنهم من يقول:..... وعلى ذلك قيسوا أنتم؛ الأمر لا يحتاج إلى شرح كبير، أحد الأذكياء انتبه أن هذا الشيخ روتين عنده مثل المسجلة، ما بيجيب شيء جديد أبداً، في المسألة قولان، في المسألة قولان، قال لرجل بجانبه: مهلك اسأل الشيخ قُلُّ: أفي الله شك؟ قال : يا سيدي الشيخ! أفي الله شك؟ قال: في المسألة قولان!!.