أن السلف كانوا لا يحكمون على الشخص بأنه من أهل السنة إلا إذا
** السؤال كامل
* جواب السؤال
الشيخ : يوجد شيء من ذلك، لكن لا تنسى ما قلتُه لكَ آنفاً. هذا لا يعني أنّه ليس مسلماً، ما معنى امتناع الرسول عليه السلام مِن الصلاة على الذي مات وعليه دَيْن، أوْ على الذي غلّ، أو على الذي قَتَل، لا يعني أنّه ليس مسلماً. فهذا يا أخي مِن باب التأكيد كما سبق أنْ قلنا ذلك. هذا شيء آخر، الآثار السلفية إذا لم تكن متضافرة، متواترة، فلا ينبغي أن يُؤخذ عن فرد مِن أفرادها، لا ينبغي أن يُؤخذ مِن ذلك منهج، ثمّ يكون هذا المنهج خِلاف ما هو معلوم عن السلف أنفسِهِم أنّ المسلم لا يَخرُج مِن دائرة الإسلام بِمُجرّد معصية، أو بدعة، أو ذنب يَرْتكِبُه. فإذا وَجَدْنا ما يُخالِف هذه القاعدة لجَأنا إلى تأويلها بما ذكرتُ لك آنفاً، أنّ هذا مِن باب التعزير والتأديب. عندنا الإمام البخاري، وما أدراك ما الإمام البخاري، بعضُ علماء الحديث تَرَك الإمام البخاري، ولمْ يَرجِع عنه، لماذا ؟. قال: لأنّه فَصَّلَ بين قول من يَقُول: القرآن مخلوق، هذا ضال، مبتدع، كافر، حسب اختلاف العلماء في تعابيرهم. وبَيْن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. الإمام أحمد أَلْحَقَ مَن قالَ بهذه القَوْلَة: لفظي بالقرآن مخلوق، بالجهمية، وبناءً على ذلك حكم بعض الذين جاءوا بعد الإمام أحمد على البخاري بأنَّهُ لا يُؤخذ منه، لأنّه قال قَوْلَةُ الجهمية. الجهمية لا يقولون: لفظي فقط بالقرآن مخلوق، يقولون: القرآن هو ليس كلام الله إنّما هو مخلوق مِن خَلْق الله عز وجل. فماذا يُقال في البخاري الذي قال كلمة: لفظي بالقرآن مخلوق، والمحدِّث ومنهم الإمام أحمد الذي يقول: من قال هذه الكلمة فهو جهمي. لا يُمكن أن نُصحِّح كلّا مِن الأمرين إلاَّ بتأويل صحيح يتماشى مع القواعد. وقبلَ أنْ أمْضي، أنتَ أظُنُّ تُفَرِّق معي بين منْ يقول: القرآن مخلوق، وبين من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، أليس كذلك ؟. السائل: نعم يا شيخ الشيخ : طيّب، إذاً بماذا نُجِيب عنْ كلمة الإمام أحمد: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي؛ بماذا نُجيب عن هذا الكلام ؟. لا جواب إذا ما ذَكرتُهُ لكَ، تَحذِيراً مِن أنْ يقول المسلم قولاً يُتَّخَذُ ذريعَةً لأهل البدعة، والضلالة، وهم الجهمية. فقد يقول قائل: بتوريط من حَولَهُ: لفظي بالقرآن مخلوق، وهو يعني نفس القرآن، لكن مُش ضروري أن كل مسلم يتكلّم بهذه الكلمة يكون قصدُهُ ذاك القصد السيئ نفسُه. فالآن الإمام البخاري هو ليس بحاجة إلى أنْ يُزكّى، الله عز وجل قد زَكّاه حيثُ جَعَلَ كتابَهُ بعدَ القرآن الكريم كلُّه مقبُولا عند عامّة المسلمين على ما بينهم مِن خِلاَف. فإذاً هو حينما قال: لفظي بالقرآن مخلوق، عنى شيئاً صحيحاً، لكن الإمام أحمد خَافَ، فقال: مَن قال كَذا فهو كَذا. إذاً هذا مِن باب التحذير، وليس مِن باب الاعتقاد، أنَّ من قالَ كذا فهو حقيقة جهمي، لا. ولذلك إذا وَجَدنا في بعض عبارات السلف الحُكم على مَن وَاقَع بدعة على أنّه مُبْتَدِع، فَهُوَ مِن باب التحذير، وليس مِن باب الاعتقاد. لعلّه يَحسُن ذِكرُه بالمناسبة الأثر المعروف عن الإمام مالِك لمّا جاءَهُ سائل، قال: يا مالِك ما الاستواء، قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، وأخرجوا الرجل فإنّه مبتدع . هو ما صارَ مبتدعاً بِمُجَرّد ما سأل عن استواء، لكن أرادَ أنْ يَفْهَمَ شيئاً، لكن خَشِيَ الإمام مالك أن يَرْمي مِن وراء ذلك مخالفة للعقيدة السلفية، فقال: أخرجوا الرجل فإنّه مُبتدِع . وانظُرْ الآن كيف الوسائل تختلف، هل ترى أنتَ, وأنا، وبكر، وعمرو، وزيد إلى آخره، لو سألَنَا واحد مِن عامّة المسلمين، أوْ مِن خاصة المسلمين ، مِثل هذا السؤال، نُجِيبُه نفس جواب مالك ونُلْحِقُهُ بتمام كلامِه فنقول: أخرجوا الرجل فإنّه مُبتدع، لا. لِيهْ ؟؛ لأن الزمن اختلف، الوسائل التي كانت يومئذ مقبولة، اليوم ليست مقبولة، لأنّها تَضُرُّ أكثر ممّا تَنفَع