إذا تصادم استقراء عالم في الحديث كالذهبي مع قاع

 
** السؤال كامل
السائل: نأخذ سؤال واحد فقط، بالنسبة لاستقراء العالم الإمام المجتهد في الفن كعلم الحديث مثلاً إذا تصادم استقراؤه مع قاعدة منصوص عليها في الفن، ولنضرب مثلاً لذلك هو الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله لما ذكر في ترجمة الأعمش في ميزان الاعتدال تسليك رواية الأعمش وتمشيتها بالنسبة لبعض الشيوخ الذين أكثر عنهم كأبي صالح وأبي وائل وإبراهيم النخعي، يقول روايته عن هذا الضرب محمولة على الاتصال مع النص المعروف: (أن المدلس إذا عنعن أنه لا يقبل حتى يصرح بالتحديث مهما أكثر عن شيخ أو أقل عنه) فهنا ربما يلاحظ أن الإمام الذهبي اعتبر الكثرة يعني قال : إلا في شيوخ أكثر عنه، طيب لماذا لم يعتبر الكثرة في رواية أبي الزبير عن جابر؟ وكلاهما مدلس!! فهذه مسألة تحتاج إلى إمام يفصل فيها.
* جواب السؤال

الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: نعم، لماذا لم يعتبر الكثرة عن أبي الزبير بينما اعتبرها عن الأعمش، ألا يكفي فارقاً بين الشخصين الراويين أن أبي الزبير اعترف صراحةً بأن له روايات سمعها من جابر وأخر لم يسمعها من جابر الأمر الذي اضطر عليه ابن سعد -الإمام في مصر يومئذٍ- أن يستوضح منه وأن يستعلم منه الأحاديث التي سمعها من جابر من الأحاديث التي لم يسمعها، فعلّم له على الأحاديث التي سمعها من جابر. فهنا ظهر للذهبي وغيره طريق لتمييز ما صرح به أو ما رواه مباشرة عن جابر من ما لم يرويه عنه مباشرةً، بينما الرواية عن الأعمش لا يوجد فيها شيء من هذا التفصيل فاضطر إلى أن يجد بديلاً عن هذا الذي حصل عليه الليث فوجد هناك الكثرة التي لم يحتاج إليها فيما يتعلق برواية ابن الزبير عن جابر، هذا الذي يبدو لي والله أعلم فإنه من الممكن أنه يكون هناك وجه أخر من حيث تفاوت الشيخين الأعمش وأبي الزبير في الإكثار من التدليس والتقليل منه، فهذا يكون مسوغ آخر باعتبار كثرة الرواة عن الأعمش فتميل النفس إلى ذاك، أن هذا الذي يكثر من الرواية عن الأعمش يكون أعرف بمن كانت روايته قليلة أو لا يدلس. السائل: شيخنا، بغض النظر عن الكثرة والمقارنة بين الأعمش والزبير، ألا ترون أن فهم الإمام الذهبي أيضاً مناقض لتعريف تدليس الإسناد وهو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه ما لم يسمع منه، يعني هذا محتمل، بل وارد، يعني استقراء تمشية الإمام الذهبي رحمه الله لتدليس الأعمش عن أبي صالح، أليس مناقضاً لتعريف العلماء لتدليس الإسناد؟ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: هذا بارك الله فيك، لا أراه مناقضا تناقضاً لا يمكن التوفيق، هذا من باب العام والخاص، بمعنى الأصل في المدلس هو الذي تعرفه ونعرفه، لكن في خصوص رواية الأعمش فاطمأن الذهبي فيما نقلته عنه آنفا، أصاب أو أخطأ هذا شيء آخر، لكن نحن نوجه كلامه، هو لاحظ أن المكثر من الرواية عن الأعمش يتبين له ما لا يتبين للمقل عنه، هذا أليس معقولاً؟ السائل: يعني تقصد حضرتك: إكثار الأعمش عن أبي صالح، مش إكثار الرواة عن الأعمش، لأن الصورة أن الأعمش يكثر عن أبي صالح فيمشي الرواية عن الأعمش عن أبي صالح لكثرة... الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: هذا قول الإمام الذهبي، إي نعم، لكن هذا الإكثار يوحي بأن الأعمش شديد الصلة بأبي صالح ومن كان كذلك لا يكثر منه عادةً التدليس لأنه إنما يحتاج إلى التدليس من كان قليل الرواية عن شيخه الذي هو هنا: (أبو صالح)، فهذا الذي يبدو لي أنه مستند الإمام الذهبي -رحمه الله- فيما نقلتَ عنه من التفريق بين الأعمش وبعض شيوخه إذا روى عنهم. نعم. علي حسن: شيخنا، ألا يقال أن ملاحظة الإمام الذهبي لطريقة إخراج أصحاب الصحيح للأعمش كانت دافعا له لهذا التفريق؟ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: إيه، لكن هذا لا يعطي التفريق بين الكثرة والقلة. علي حسن: بالاستقراء لاحظ لعله الكثرة في رواية الأعمش عن شيخه أبي صالح، لذلك قال: ونحوه، هوما ذكر أبا صالح فقط، بل قال: ونحوه. السائل: لا، قال أبو صالح وأبو وائل وإبراهيم النخعي، وهذا الضرب. علي حسن: إيه نعم. الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: نعم. علي حسن: ثم شيخنا، شيء آخر، يعني الإشكال الذي ضربه أخونا أبو إسحاق، أو مش إشكال بل إلحاق أبو الزبير بالأعمش هذا ينجر على كل المدلسين، فبالتالي تخصيص أبي الزبير بالذكر... السائل: أنا خصصته بالذكر لأن الحافظ الذهبي لا يسوي بين عنعنة أبي الزبير بالذات من المكثر وعنعنة الأعمش، يتوقف في عنعنة أبي الزبير حتى في بعض أحاديث صحيح مسلم!! هو يتوقف فيها. علي حسن: باقي المدلسين من باب أولى!! السائل: ممكن ابن إسحاق عن الزهري، وهو مكثر عن الزهري، فممكن يعامَل معاملة الأعمش من حيث الإكثار. علي حسن: ومع ذلك لم يفعل. السائل: هو لم يفعل، صحيح. الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: على كل حال يمكن أن يكون لاحظ شيئا نحن ما ظهر لنا ذلك، والله أعلم.