حكم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه؟ وهل المثبت مقدم على النافي أم لا؟
** السؤال كامل
جواب السؤال : من الأمثلة الكثيرة والكثيرة جدا على ذلك: الإمام أبو حنيفة، ومن تبعه من تلامذته الملازمين له، من أبي يوسف، ومحمد بن حسن الشيباني، ثمّ من جاء بعدهم إلى يومنا هذا ومن كان معاصرا لأبي حنيفة من الكوفيين، الذين كانوا لا يرون رفع اليدين مثلا عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع، والحديث في ذلك ثابت في الصحيحين وفي غيرهما أولاً، وهو أيضا كان مما وقع تحت بصرهم ثانياً، فهل ندع العمل نحن بهذا الحديث؟ الجواب: لا، لأننا لم نجد حجة الذين تركوا العمل بهذا الحديث حجةً قوية، وعلى العكس من ذلك، وجدنا من عمل بهذا الحديث حجتهم أقوى. حجة من قال: لا رفع إلا عند تكبيرة الإحرام قالوا: ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال لأصحابه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فرفع يديه ثمّ لم يعد. لكن قد جاءت أحاديث تترى عن ابن عمر ومالك ابن الحويرث وأبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه، وقالوا القاعدة الأصولية التي جرى عليها العلماء في غير هذه المسألة تقول: ((المثْبِتْ مقدم على النافي))، الذي روى الرفع عند الركوع أثبت، وابن مسعود نفى، ومع جلالة ابن مسعود، نقول أن المثبت مقدم على النافي، وقد ألف الإمام البخاري أمير المؤمنين بحق في الحديث، ألف رسالةً خاصة وهي المعروفة بجزء رفع اليدين في الصلاة، وقد احتج على أهل الكوفة الذين لم يأخذوا بأحاديث الرفع، عند الركوع والرفع منه، والذين لم يأخذوا –لا نقول خفي عنهم الحديث، لا – كان تحت بصره، ولكن لشبهة عرضت لهم تركوا العمل بهذه الأحاديث المثبتة، فحاججهم الإمام البخاري بما جاء في الصحيح، في صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم في فتح مكة، دخل مكة فاتحا ثم بعد أن نظفها من الأصنام التي كانت منصوبة على الكعبة، دخلها وصلى فيها ركعتين، فبلال رضي الله عنه دخل مع النبي وصلى معه في جوف الكعبة، ولما خرج النبي عليه الصلاة والسلام وخرج بلال تلقّاه عبد الله بن عمر فسأله: ماذا فعل الرسول عليه السلام في الكعبة؟ قال: صلى ركعتين بين العمودين – تحديد دقيق- وكان بينه وبين جدار القبلة ثلاثة أذرع، أما عبد الله ابن عبّاس –ترجمان القرآن- قال لم يصلي الرسول عليه السلام في الكعبة وإنما صلى في قبل الكعبة في اتجاهها خارجاً عنها، يقول الإمام البخاري: فأخذ العلماء قاطبة بحديث بلال الذي رواه عنه ابن عمر، لماذا؟ لأنه مثبِت لأنه رأى الرسول عليه السلام دخل الكعبة وصلى ركعتين وبذلك الوصف الدقيق، آثروا رواية ابن عمر عن بلال لأنها مثبتة وتركوا رواية ابن عبّاس لأنها نافية، والمثبت مقدّم على النافي، وهذه القاعدة الأصولية قبل أن تكون أصولية هي قاعدة بدهية عقلية، لأن الإنسان بسجيته وطبيعته وفطرته إذا جاءه خبران متناقضان أحدهما يقول مثلا... والمخبران، لابد من هذا الشرط: والمخبران كلاهما ثقة، أحدهما قال مثلا أبو إسحاق حضر الموصل، وآخر قال: لا ما حضر ما رأيته، فقول من يقدَّم؟ المثبت مقدّم على النافي، هذه قاعدة منطقية عقلية، ولذلك ترك أبو حنيفة وأهل الكوفة ومن جاء بعدهم الرفع، فهل نتركه نحن؟ نقول: لا، المثبت مقدّم على النافي، وذاك إمام وله اجتهاده ولا نعيره ولا نعيب عليه وله أجره عند الله على كل حال. إذن إذا جئنا إلى مثل حديث النهي عن صيام يوم السبت.