تابع كيفية حج النبي صلى الله عليه وسلم
المحاضرة مفرغة :
|
سماحة الشيخ في حلقات مضت في هذا البرنامج تفضلتم بتفصيل القول في كيفية حج النبي صلى الله عليه وسلم- ووصل بكم الحديث إلى انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم من مزدلفة حبذا لو تفضلتم بتكملة الحديث عن تلكم الرحلة المباركة - جزاكم الله خيرا من برنامج نور على الدرب برنامج يومى من إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية يجيب أصحاب الفضيلة العلماء على أسئلة المستمعين
|
The answer جواب السؤال |
الشيخ
|
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه :أما بعد فقد سبق أن تكلمت على صفة حجه عليه الصلاة والسلام - من حين خرج إلى المدينة إلى أن وصل إلى مكة عليه الصلاة والسلام - ثم عن رحلته من مكة إلى منى، وعن رحلته من منى إلى عرفات، وعن رحلته من عرفات بعد غروب الشمس إلى مزدلفة، وما فعله في مزدلفة عليه الصلاة والسلام ، وسبق أنه -عليه الصلاة والسلام - صلى بها الفجر ثم أتى المشعر فرقيه وجعل يدعو ويذكر الله ويهلل حتى أسفر جداً - عليه الصلاة والسلام - ورفع يديه الدعاء، فلما أسفر انصرف إلى منى، هذا هو السنة - أن يبيت الحجيج بمزدلفة وأن يصلوا بها الفجر، وأن يدعوا الله كل في مكانه وفي منزله لأنها كلها موقف، كل يدعو في مكانه ويضرع إلى الله ويسأله الفوز ويرفع يديه ويذكره كثيراً ويدعوه كثيراً حتى يسفر، فإن أسفر جداً انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس تأسياً بالنبي - عليه الصلاة والسلام - وتقدم أنه أذن للضعفة من النساء والشيوخ والصبيان أن ينصرفوا إلى منى في الليل قبل حصبة الناس، هذا هو الذي ينبغي للضعفاء أن ينصرفوا حتى يخففوا عن الناس وحتى يسلموا أيضاً هم من حصبة الناس هذا الذي ينبغي للضعفاء أن ينصرفوا حتى يخففوا عن الناس وحتى يسلموا هم أيضا من حصبة النساء والشيوخ ونحو ذلك ومن يتبعهم من محارمهم ومن صاحبهم في الرحلة إلى منى في النصف الأخير من ليلة المزدلفة، فإذا وصلوا إلى منى باتوا بها بقية الليل، وإن رموا الجمرة فلا بأس، لو رموها في آخر الليل فلا بأس، وقد ثبت عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها رمت الجمرة في آخر الليل، وثبت عن أسماء بنت أبي بكر ما يدل على ذلك، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن للقعود من النساء في ذلك فإذا رمين ومن معهم في آخر الليل كفى ذلك، وإن أخروا ورموا بعد ارتفاع الشمس فلا بأس، ولكن الأرفق بهم وبمن معهم أن يرموا في آخر الليل إذا وصلوا منى هذا هو الأرفق بهم، ثم يرجعون إلى منازلهم كل يرجع إلى منزله في منى للإقامة بها لذبح الهدايا ورمي الجمار في الأيام القادمة وغير ذلك من شئون الحج، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد انتظر حتى صلى الفجر ودعا ربه بعد الصلاة وذكره ورفع يديه وألح في الدعاء ثم انصرف قبل طلوع الشمس - عليه الصلاة والسلام - وثبت أنه صلى بها المغرب والعشاء قصراً وجمعاً ثم نام بعد ذلك بأذان واحد واقامتين - عليه الصلاة والسلام - وهكذا الفجر صلاة بأذان وإقامة مع سنتها الراتبه، وصلاها بعد طلوع الفجر مبكراً قال أنس رضي الله عنه - أنه صلاها قبل ميقاتها يعني قبل ميقاته المعتاد، وذلك - والله أعلم ليتسع الوقت للدعاء والذكر بعد صلاة الفجر ثم المشروع للمسلمين إذا وصلوا منى بعد انصرافهم من مزدلفة يرموا الجمرات، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم - انصرف من مزدلفة بعد طلوع الشمس ملبياً حتى أتي الجمرة، أتاها ضحى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ولم يقف عندها بل رمى وانصرف عليه الصلاة والسلام - فهكذا المسلمون من الحجاج إذا وصلوا إلى منى بعد طلوع الشمس رموا الجمرة بدأوا بها تحية منى وليس فيها صلاة عيد وليس في منى صلاة عيد الحجاج - ليس عليهم صلاة عيد، يقوم مقامها رمي الجمار ذلك اليوم، فيرمي الجمار سبع حصيات يرمي الرجل والمرأة والصغير والكبير بسبع حصيات، واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة يقول الله أكبر مع كل حصاة ويستشعر عظمة الله - سبحانه - ومستشعرا إرهاب الشيطان ودحره في هذه الحصيات التي ترجم به مواقفه، ثم ينصرف ولايقف لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يقف عند جمرة العقبة بل رماها وانصرف عليه الصلاة والسلام - ووقف للناس يسألونه في منى بعد رميه الجمرة، هذا يقول يارسول الله أفضت إلى البيت قبل أن أرمي - يعني يقصد الطواف قبل الرمي - فقال لاحرج عليه الصلاة والسلام - وآخر يقول : نحرت قبل أن أرمي فيقول : لاحرج، وآخر يقول : حلقت قبل أن أذبح فيقول لاحرج هذا يدل على أن أفعال الحج يوم العيد فيها توسعة الرمي والطواف والسعي والحلق أو التقصير والنحر كلها فيها سعة، فالنبي صلى الله عليه وسلم - رتبها فرمى يوم العيد ثم نحر عليه الصلاة والسلام - ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة - رضي الله عنها - ثم ركب دابته فطاف، هكذا الترتيب هذا هو الأفضل، رمى فنحر فحلق أو تقصير فطواف وسعي- هكذا فعل عليه الصلاة والسلام، هذا هو الترتيب الأول الرمي ثم نحر الهدي ثم حلق الرأس أو التقصير، وبهذا يتحلل التحلل الأول.. يلبس المخيط يغطي رأسه إن كان رجل والمرأة كذلك تتطيب تفك شعرها إن شاءت تقص أظافرها - تحللت التحلل الأول ولايبقى عليهما جميعاً الرجل والمرأة إلا الجماع وما يتعلق بالجماع للنساء فإذا طافا وسعيا بعد ذلك تم الحل كله، وحل للرجل الاتصال بأهله إذا طاف وسعى بعد الرمي وبعد الحلق وبعد التقصير، والسعي إنما يجب عليه إذا كان متمتعاً لأن السعي الأول يكون في الغالب للحج، أو كان قارناً أو مفرداً لكن لم يسع مع طواف القدوم فإنه يسعى مع طواف الإفاضة، وإن كان سعى مع طواف القدوم فلا سعي عليه يكفيه الطواف، الحاج المفرد والحاج القارن بين الحج والعمرة، والنبي كان قارناً - عليه الصلاة والسلام - فلهذا طاف الطواف فقط - ولم يسع لأنه قد سعى مع طواف القدوم - عليه الصلاة والسلام - وفي هذا من الفوائد أن الإنسان قد يشق عليه تأخير الطواف، قد يشق عليه تأخير الحلق إلى أن يذبح لأن الذبح ما هو متيسر فيتأخر لليوم الثاني فهذا كله من رحمة الله ومن تيسير الله عز وجل - ومن إحسانه إلى عباده ورحمته بهم أن فسح لهم المجال وجعل هذا الترتيب ليس بواجب، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه له أن يبدأ بما أخره الرسول - صلى الله عليه وسلم له أن يقدمه لأنه سئل في ذلك - عليه الصلاة والسلام - عما يقدم ويأخر فقال : لاحرج لاحرج فإذا افاض إنسان قبل أن يرمي - مثل امرأة خافت في نفسها الحيض فأفاضت قبل أن ترمي ووصلت مكة فلا بأس ومثل إنسان نحر هديه به صار النحر متيسر والرمي ماتيسر له يوجه مبكراً فلا حرج أن ينحر ثم يرمي، أو حلق قبل أن يرمي أو ذبح قبل أن يرمي كذلك لابأس - والحمد لله - والحاصل أن الترتيب ليس بواجب، ولكنه أفضل يرمي ثم ينحر ثم يحلق ثم يقصر ويتحلل التحلل الأول يلبس المخيط ويغطي رأسه ثم يذهب إلى البيت ويطوف ويسعى هذا هو الترتيب المذكور النحر لمن كان متمتعا أو قارناً؟ فقط أما الحاج المفرد فلا شيء إلا أن يتطوع، فمن قدم بعضها على بعض فلا حرج عليه في ذلك كما فعل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وكما أذن للناس - عليه الصلاة والسلام - في ذلك ثم بعد ذلك لما رمى الجمرة - عليه الصلاة والسلام - ونحر هديه وحلق رأسه طيبته عائشة ثم ركب البعير فطاف بالبيت عليه الصلاة والسلام - وصلى في مكة الظهر عليه الصلاة والسلام ثم عاد من مكة فصلى بالناس الذين ينتظرونه صلاة الظهر بمنى صلاه مرتين الأولى بمكة وهي الفريضة، والثانية بمنى لمن بقى ينتظره فصلى بهم هناك عليه الصلاة والسلام وبهذا يستدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل كما كان معاذ يصلي بأصحابه متنفلاً ويصلي مع النبي فريضته العشاء عليه الصلاة والسلام - يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم - فريضته ثم يذهب ويصلي بأصحابه فريضتهم وهي لهم نافلة كل هذا جائز بحمد الله - ثم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم في منى الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر يرمي بعد الزوال الجمار الثلاث كل جمرة يرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة ويجعل الجمرة الأولى وهي التي يتلمس فيها الخير هي التي عن يساره ويتقدم بيسر حتى لا يصيب أحداً من الناس وحتى لايضايق الناس فيرميها بسبع حصيات ويقف عندها ويجعلها على يساره ويدعو رافعاً يديه ويلح في الدعاء ويطيل الدعاء كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ رفع يديه وأكثر الدعاء عليه الصلاة والسلام - بعد ما رمى الجمرة في يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ثم أتى الوسطى فرماها سبع حصيات وكبر مع كل حصاة ثم جعل الجمرة الاولى عن يده الشمال عن يساره ووقف ورفع يديه وألح في الدعاء - صلى الله عليه وسلم - هذا هو السنة أن الحاج يقف عند الأولى بعد رميه ويدعو، وعند الثانية بعد رميها ويدعو مستقبلاً القبلة، ويجعل الجمرة الأولى عن يساره والوسطى عن يمينه حال الدعاء هذا هو السنة لمن تيسر له ذلك، من لم يتيسر له ذلك فلا شيء عليه فهو سنة مؤكدة فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام أما الثالثة فيرميها ولايقف عندها وهي جمرة العقبة، يرميها يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ولا يقف كما أنه لم يقف عندها يوم العيد قد رماه وأنصرف - عليه الصلاة والسلام - ثم أذن للناس بالتعجل لمن أراد أن يتعجل يومان فلا بأس لقوله سبحانه - واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه فمن أحب أن يتعجل عند الرمي يوم الثاني عشر فلا بأس يرمي الجمار ثم يذهب إلى مكة لطواف الوداع ومن أحب أن يبقى إلى يوم الثالث عشر كما بقى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه بقي ليوم الثالث عشر - عليه الصلاة والسلام - فلما رمى الجمار يوم الثالث عشر عند الزوال تقدم إلى الأبطح فنزل به وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء عليه الصلاة والسلام ثم ركب في أثناء الليل في آخر الليل إلى مكة لطواف الوداع فطاف آخر الليل طواف الوداع - عليه الصلاة والسلام- وصلى بالناس الفجر وقرأ فيها بالطور ثم بعدما انتهى من صلاة الفجر توجه إلى المدينة - عليه الصلاة والسلام - صباح يوم الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة - عليه الصلاة والسلام - وبهذا انتهى الحج- انتهت أعمال الحج بطواف الوداع من يريد السفر في الثاني عشر ودع إذا كان يريد السفر ذلك اليوم، وإن أحب أن يبقى في مكة أياماً أخر الوداع حتى يعزم على السفر فإن عزم على السفر طاف ثم سافر، وهكذا من أخر إلى يوم الثالث عشر فلم يتعجل فإنه إذا فرغ من الرمي إن كان أحب أن يبقى في مكة بقى في مكة وإن أحب السفر طاف للوداع وسافر هكذا كما فعله النبي - عليه الصلاة والسلام - والرمي بعد الزوال في أيام التشريق لا قبل الزوال لايرمي قبل الزوال بل يرمي بعد الزوال فإن عجز أو شغل رمى بعد المغرب - رمى بعد الغروب لهذا اليوم يعني كل يوم إذا لم يتيسر في النهار يرمي في الغروب لذلك اليوم الذي غابت شمسه، وهكذا اليوم الثاني عشر يرميه بعد الزوال إن تيسر وإلا بعد الغروب، وهكذا اليوم الثالث عشر يرميه بعد الزوال لكن ليس فيه بعد الغروب لأنه انتهى الرمي يوم الثالث عشر ينتهي الرمي في الثالث عشر يجب عليه أن ينهي قبل الغروب وهذا في الغالب غير متعذر لا متعسر لأن الناس في الغالب ينصرفون في اليوم الثاني عشر ولا يبقى إلا القليل في اليوم الثالث عشر فلا يكون هناك صعوبة في الرمي قبل الغروب لكن بعد الزوال، وفي أيام منى يكثر من ذكر الله ومن التكبير والتهليل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ، يذبح الهدايا ويأكل ويطعم كما قال سبحانه فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ويكثر من الدعاء والذكر وقراءة القرآن الأوقات المناسبة وتعليم الناس الخير والدعوة إلى الخير كل هذا مشروع إذا كان عنده علم، وفي يوم العيد كذلك إذا لم يتيسر الرمي يوم العيد رمى بعده إلى آخر الليل لان الحادي عشر تابعة ليوم العيد إذا لم يتيسر الرمي فيه فإنه يرمي بعدها بعد الغروب وبجزئه ذلك - والحمد لله- لأن بعض الناس قد يشغل يوم العيد قد يحصل له مانع من الرمي يوم العيد فيرمي على الصحيح بعد الغروب ولا حرج في ذلك نعم.
|
المقدم
|
جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم، الواقع سماحة الشيخ - وأنتم تذكروننا بهذه الرحلة الطيبة المباركة، وهذا الأسلوب الذي اتبعه نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - تدعون أمة الإسلام كيما تقتفي ذلك الأثر وتسير على ذلكم المنهج فجزاكم الله خير الجزاء.
|
الشيخ
|
نسأل الله أن يوفقهم لذلك - نسأل الله أن يوفق المسلمين لإتباع نبيهم - صلى الله عليه وسلم - والتمسك بهديه في كل شيء فهديه فيه طريق السعادة وسبب النجاة في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يوفقنا الله وإياكم لذلك. اللهم آمين - اللهم آمين
|
|