الاعتماد على الحساب الفلكي في رؤية الهلال

السؤال :

 
تعتمد الرؤيا في بعض البلاد الإسلامية وفي تحديد مواعيد دخول شهر الصيام، أو دخول شوال، أو كذلك دخول ذي الحجة؛ على الحساب الفلكي دون الرؤيا، كما أن الإعلان عن ذلك يكون عادة عن طريق جهة الإفتاء والشؤون الدينية في البلد فهل يعتمد الحساب؟ وهل يؤخذ بقول تلك الجهات، أم يؤخذ بأخبار الإذاعات عن البلاد التي تعتمد الرؤيا؟
جواب السؤال

الواجب في إثبات الأهلة في الحج وفي رمضان الواجب هو الرؤية كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة). وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال فإن غم عليكم فأكملوا العدة). في عدة أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا). وذكر بيديه الثنتين، بسط يديه الثنتين وكررها ثلاثاً فيكون ثلاثين، وهكذا وهكذا وهكذا وخنس واحدة، خنس الإبهام يعني تسعاً وعشرين. (فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة). وفي لفظ: (فأكملوا ثلاثين). وفي لفظ آخر: (فأكملوا العدة ثلاثين) وفي لفظ ثالث: (فصوموا ثلاثين). هكذا أوضح النبي عليه الصلاة والسلام. أما الحساب فلا يعتمد ولا يجوز التعويل عليه، وقد نبهنا على هذا غير مرة وكتبنا هذا مرات كثيرة، وذكر أبو العباس بن تيمية شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - أن العلماء أجمعوا على أن الحساب لا يعتمد في إثبات الأهلة، وإنما العمدة هو رؤية الهلال، أو إتمام العدة، فإذا رؤيا شعبان مثلاً ليلة الأحد وجب إكماله، فيكون الصوم الثلاثاء يكون كماله يوم الاثنين والصوم بالثلاثاء إذا لم ير الهلال ليلة الاثنين ولو قال الحاسبون إنه يدخل يوم الاثنين وكذلك لو قال الحاسبون أنه لا يدخل إلا يوم الأربعاء فلا عبرة بقولهم يصام بالثلاثة لأنه كملنا شعبان ثلاثين لأنه دخل ليلة الأحد فإذا لم ير ليلة الاثنين كملناه ثلاثين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين). وقد أكلمنا بحمد لله ثلاثين، وهكذا. فالمقصود أنه لا يعول على الحساب وعلى قول الحاسبين وإنما التعويل على الرؤية هكذا أخبرنا نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا درج سلفنا الصالح من الصحابة - رضي الله عنهم - وأتباعهم بإحسان، وهكذا نقل الإجماع على ذلك من ذكرنا وهو أبو العباس بن تيمية شخ الإسلام، وبين ذلك آخرون من أهل العلم. وأما وجود من خالف في هذا من المتأخرين فلا يلتفت إليهم ولو كانوا كباراً ولو كانوا علماء، لا يلتفت إليهم في هذا الأمر؛ لأنهم خالفوا السنة، والله - سبحانه وتعالى - يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [(59) سورة النساء]. ويقول - سبحانه وتعالى - : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [(10) سورة الشورى]. وهذه المسألة إذا ردت إلى كتاب الله، فالله يقول - سبحانه وتعالى - : وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ [(132) سورة آل عمران]. ويقول - سبحانه وتعالى - : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [(7) سورة الحشر]. ويقول - سبحانه وتعالى - : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [(63) سورة النــور]. ويقول - عز وجل - : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [(65) سورة النساء]. هكذا جاء في كتاب الله العظيم. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال فإن غم عليكم فأكملوا العدة). وفي لفظ آخر: (لا تصوموا حتى تروا الهلال أو أكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال وتكملوا العدة فإن غبي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين). فهذا أصرح شيء وأبينه في كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يجوز أن يعول على من يخالف ذلك والله ولي التوفيق. جزاكم الله خيراً